ظهر مفهوم القانون البحري الدولي كفرع مستقل من فروع القانون عند بروز ضرورة البحث عن اجابات وتفسيرات لمسألة السيادة على
البحار هل هي مطلقة أو مقيدة؟
في القرن الثامن عشر بدأ مفهوم المياه الاقليمية بالظهور ، وكان الخلاف الاساسي هو على قاعدة المدى التي تحسب فيه الجزء المقابل لليابسة من مياه البحر مياها اقليمية تمارس
الدول سيادتها عليها كتقييد للمفهوم القديم الذي كان يجعل من المدى الذي يصل اليه الاسطول هو المدى الذي تمتد اليه
سيادة الدولة.
بداية من مؤتمر فيينا 1815 بدأ مفهوم المياه الاقليمية المحددة بالظهور وكان الخلاف بين القانونيين والسياسيين حول عرض المياه الاقليمية، وتم الافتاق لأول مرة في هذا المجال على اعتبار مدى طلقة المدفع كمدى مسموح للدول بممارسة سيادتها عليه اي ما يعادل حوالي 1.8كلم باعتبار اقصى مدى يمكن لطلقة المدفع ان تصل اليه في ذلك الوقت.
أدى التطور الكبير في تسليح السفن البحرية الى اعتبار هذه المسافة بلا شيئ مما ادى الى بروز مفاهيم جديدة وتقسيمات حديثة للمياه الاقليمية بدات في التبلور ابتداءا من منتصف القرن التاسع عشر الى الحد الذي اصبحت معه قواعد قانونية ملزمة ومن النظام العام.
عموما يقسم القانون الدولي مياه
البحار الى الاقسام التالية:
1- المياه الداخلية:
وهي مجموع المياه المقابلة للشاطئ بما فيها المراسي والموانئ ومصبات الانهار والخلجان، فبحكم ان خط الشاطئ في معظم الاحيان هو خط متعرج فإنه يرسم خط مستقيم بين اعلى نتوئين في الشاطئ وتعد المياه الداخلة تحت هذا الخط مياها داخلية تأخذ حكم اليابسة ولا تدخل في اي حال من الاحوال ضمن المياه او البحار.
2- المياه الاقليمية:
وهي مجموع المياه الممتدة مابين خط الشاطئ اي اين تنهي المياه الداخلية الى عمق متفق عليه دوليا مع بعض الاستثناءات الى حدود 12 كلم اذا كان عرض البحر المفتوح يسمح بذلك
الاستثناءات المتفق عليها دوليا هي المياه الاقليمية الامريكية التي تمتد بعرض 3 كلم فقط والمياه الاقليمية الجزائرية التي تمتد بعرض 50 كلم.هناك استثناءات اخرى محل خلاف كبير وغير معترف بها دوليا مثل خليج سرت في ليبيا التي تعتبره مياها اقليمية في حين يعتبره المجتمع الدولي كاعالي بحار والمياه الاقليمية بعض دول جنوب امريكا التي اعلنت انها تمتد الى مسافة 200 كلم كالشيلي والارجنتين، المياهة الاقليمية لكل من اندونيسيا وماليزيا والفليبين التي اعتبرت ان المربع المرسوم بين خط اقصى امتداد للجزر وخط اقصى عرض تمثل المياه الاقليمية، مجرد نظرة فاحصة للخريطة يتضح الحجم الهائل للمياه المتضمنة داخل هذا المربع.
تمارس
الدول سيادتها الكاملة على المياه الاقليمية فلا يحق للسفن الحربية للدول الاخرى المرور فيها دون رخصة مسبقة، بينما تحتاج السفن المدنية او التجارية الى رخصة مسبقة من أجل الرسو فيها ويسمح لها بالمرور العابر اي بدون توقف في المياه الاقليمية.
بالنسبة للجرائم المرتكبة على السفن التجارية المارة بالمياه الاقليمية فان الاختصاص ينعقد لقضاء الدولة صاحبة السيادة على المياه الاقليمية او للدولة التي تحمل السفينة علمها او للدولة التي يتبع احد الاطراف جنسيتها.
يحتم على السفينة التجارية ان تحمل على مقدمتها علم الدولة صاحبة السيادة عند مرورها وعلمها في مؤخرتها وتقلب الاعلام اي يصبح علم السفينة في المقدمة وعلم الدولة في المؤخرة عند المغادرة.
لايحق الصيد ولا السياحة ولا الرسو ولا الابحث العلمي او اي غرض اخر بدون اذن من الدولة صاحبة السيادة في هذه المنطقة.
يحق لبحرية الدولة صاحبة السيادة ايقاف وتفتيش ومراقبة اي سفينة تمخر عباب مياهها الاقليمية كما يحق لها مطاردة السفينة اذا لم تمتثل للاوامر بشرط ان تكون هذه المطاردة مستمرة وغير متقطعة حتى لو امتدت الى اعالي البحار.
-المنطقة الاقتصادية الخالصة:
تمتد المنطقة الاقتصادية الخالصة بعمق 200 كلم وهي مفهوم جديد في القانون البحري ظهر في السبعينات ومن ابرز
الدول التي نادت به وتدافع عنه الشيلي والجزائر ووافقت عليه الامم المتحدة في اتفاقية جنيف للعام 1983/ وهي منطقة تلي المياه الاقليمية و يصل عرضها الى 200 كلم اذا اكن انفتاح البحر اكثر من 800 كلم واذا كان اقل من ذلك فانه يقسم مناصفة بين
الدول الشاطئية له وتعتبر اعمق نقطة هي خط الوسط فيه.
يحق لباقي السفن الابحار فيه والمرور ولكن بدون ممارسة حق الصيد او استخراج الثروات التي تبقى ملكا للدولة المشاطئة له